الخميس 18 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

المهندس حسام محرم يكتب: إعادة تدوير المخلفات كأداة من أدوات الاقتصاد الدوار  والتنمية المستدامة

بوابة روز اليوسف

تعد قضية الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة من القضايا الحيوية التي تواجه العالم في الوقت الحالي، ولا شك أن الإدارة الرشيدة للمخلفات هي أحد المحاور الرئيسية لمنظومة حماية البيئة في أي دولة، حيث يمثل ملف إعادة التدوير من بين الحلول والأدوات التي تسهم في تقليل التأثيرات السلبية للمخلفات على البيئة وتحقيق استدامة منظومة إدارة المخلفات. 

إن إعادة التدوير لا تقتصر فقط على تقليل النفايات، بل إنها تلعب دورًا مهمًا في خفض معدلات استنزاف الموارد الطبيعية وتقليل التلوث، مما يعزز التنمية المستدامة على المستوى البيئي، والاقتصادي، والاجتماعي. وتتمثل إعادة التدوير في تحويل النفايات إلى مواد قابلة للاستخدام مجددًا، وتتيح تقليل الحاجة لاستخراج مواد خام جديدة، مما يساهم في حماية البيئة من التلوث الناتج عن التصنيع واستخراج الموارد الطبيعية. ويمكن تلخيص الأثر البيئي لإعادة التدوير في عدة نقاط أساسية:

أ- خفض التلوث البيئي: عمليات إعادة التدوير تؤدي إلي تقليل كمية النفايات التي يتم دفنها في المدافن الصحية للمخلفات، تسهم إعادة التدوير في تقليل انبعاثات الغازات السامة التي تلوث الهواء والماء والتربة. فالمواد التي يعاد تدويرها، مثل البلاستيك والمعادن، لا تنتهي في البيئة كمخلفات ضارة، بل يُعاد استخدامها في صنع منتجات جديدة.

ب- حفظ الموارد الطبيعية : تسهم عمليات إعادة التدوير في تقليل استهلاكات الموارد الطبيعية مثل المعادن والنفط والخشب وغيرها، بدلاً من استخراج هذه الموارد بطرق تضر بالبيئة (مثل التعدين وقطع الأشجار)، يمكن استبدالها بمواد معاد تدويرها، مما يسهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي ويقلل من تأثير العمليات الصناعية الضارة.

ج- تقليل استهلاك الطاقة: تتطلب عملية إعادة التدوير طاقة أقل مقارنةً بإنتاج المنتجات من المواد الخام الأولية، فعلى سبيل المثال، فإن عملية إعادة تدوير الألومنيوم تتطلب طاقة أقل بنسبة تصل إلى 95% مقارنة بتصنيعه من خاماته الأصلية، مما يسهم في تقليل انبعاثات الكربون والمساهمة في الحد من ظاهرة الإحتباس الحراري.

كما تسهم إعادة التدوير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تم وضعها من قبل الأمم المتحدة، حيث تعتبر واحدة من الطرق الفعالة لتحقيق التوازن بين احتياجات البشر وموارد الكوكب. يمكن النظر إلى التأثيرات الإيجابية لإعادة التدوير على التنمية المستدامة من خلال الأبعاد التالية:

 دعم الاقتصاد الأخضر، حيث إن عوائد إعادة التدوير لا تقتصر على الفوائد البيئية فحسب، بل تتضمن أيضًا تعزيز الاقتصاد الأخضر، حيث تُشجع على إنشاء صناعات جديدة تعتمد على المواد المعاد تدويرها، مما يخلق فرص عمل جديدة، وتسهم هذه الصناعات في التقليل من التكلفة الإجمالية للإنتاج بسبب استخدام مواد أرخص، مما يؤدي إلى تحسين القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.

تحقيق العدالة البيئية التي تعد أحد الأبعاد الأساسية للتنمية المستدامة، فعادةً ما تتأثر المجتمعات الفقيرة والمناطق النائية بالتلوث البيئي بشكل أكبر بسبب تركز الصناعات الملوثة في هذه المناطق. من خلال تشجيع إعادة التدوير، يمكن تقليل التلوث في هذه المجتمعات وبالتالي تقليل الفوارق البيئية بينهم وبين المناطق الأكثر تطورًا.

 تحسين الوعي البيئي لدى الأفراد وخلق ثقافة الاستدامة، كما توفر إعادة التدوير فرصًا للمشاركة المجتمعية وتعزز الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية تجاه البيئة.

تحقيق الاستدامة الاقتصادية من خلال تقليل الاعتماد على المواد الخام الطبيعية التي تُستخرج بكميات كبيرة، يمكن للدول والشركات أن تعزز استدامتها الاقتصادية على المدى الطويل، هذا يساهم في تقليل تقلبات الأسعار الناجمة عن تذبذب توريد المواد الأولية من مصادر محدودة، مما يوفر بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة لإعادة التدوير، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تعيق فعاليتها، أهمها التحديات الاتية :

 إفتقار البعض إلى الوعي البيئي بشأن إعادة التدوير أو كيفية تطبيقه بشكل فعال، مما يستدعي حملات توعية مكثفة.

عدم كفاية البنية التحتية الخاصة بإعادة التدوير في بعض الدول، مما يجعل من الصعب تنفيذ برامج إعادة تدوير فعالة.

الحاجة إلي الاستثمار في معدات وتقنيات جديدة لتحسين منظومة إعادة التدوير، مما يشكل تحديًا اقتصاديًا لبعض الدول.

إن إعادة التدوير ليست مجرد عملية فنية لتقليل النفايات، بل هي استراتيجية أساسية لتحقيق التنمية المستدامة التي توازن بين الحفاظ على البيئة، وتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين نوعية الحياة. من خلال تعزيز ثقافة إعادة التدوير على الصعيدين الفردي والمجتمعي، يمكننا المساهمة في عالم أكثر استدامة، يضمن للأجيال القادمة بيئة صحية وموارد طبيعية كافية.

تم نسخ الرابط